إختلافنا ليس خلاف بيننا

ضياء المياح

 

 

 

 

 

الاختلاف المنطقي أو غير المنطقي للأشخاص والأطراف قائم على إختلاف وجهات النظر في العلوم والفلسفة والدين والمذهب والسياسة والتعامل وتقييم الأشخاص والمواقف. هناك مدارس ومداخل وتوجهات على مستوى الأفكار والعلوم والأديان والمذاهب لها اسبابها التي أوصلتها إلى النتائج المختلفة مع الآخرين. وإذا طبقنا هذه المعادلة على التعامل بين الأشخاص وعلاقاتهم وتعاملاتهم كمثال للإختلاف، نجد إن مثل هذه الإختلافات واردة ايضا. إن المنطق والضرورة يفترضان أن يكون هناك إختلاف مقابل الاتفاق. ويمكن القول أن الإختلاف رحمة من ربنا ما دامت لا تنتهي بالإضرار بالمختلف معه ولا قطع الصلة بمن تختلف معه.
أنا أحترم رأيك المخالف لرأيً فاحترم رأي المخالف لرايك. أنا أحترم ثقافتك ومدرستك ودينك ومذهبك وتوجهك السياسي والاجتماعي وكل معتقداتك، فأحترم ثقافتي ومدرستي وديني ومذهبي وتوجهي السياسي والاجتماعي وكل معتقداتي مهما اختلفنا. ليس كل الحدود الموجودة بين الاتفاق والإختلاف في الآراء والسلوك والتوجهات تعبر بالضرورة عن إنسانيتنا وصفاتنا أو طبيعة شخصياتنا.
بعض الإختلافات جاءت بسبب خبرات أو قراءات أو حتى اعجاب بشخصيات تاريخية أو حالية. انها تعبر عن آرائنا ووجهات نظرنا في فترة ما ليس إلا. بعض الإختلافات مرحلية بُنيت على القراءات الاخيرة لصاحب الرأي وقد تتغير مستقبلا بناء ً على تغيرات لاحقة في قراءاته. وقد تتغير هذه الآراء لاحقا بسبب معلوماتنا الإضافية أو نضوجنا أو معرفتنا المتزايدة. أين المشكلة في ذلك؟ المهم أن صاحب الرأي شخص محترم برأيه ما دام لا يسيء لي ولمعتقداتي وتوجهاتي كوني صاحب رأي محترم من وجهة نظره.
لهذا فكل إختلاف من هذا النوع لا يعني الخلاف ولا تنازع المصالح والمنافع بقدر ما يعني إختلاف ثقافاتنا، فضلا عن النظرة والمنظار (أو القياس) لموضوع البحث والنقاش. وهذا الإختلاف لا يحتم التنافر ولا حتى التباعد بأبسط صوره بين المختلفين. فإن وصل الإختلاف إلى التنافر أو التباعد، فقد خرج عن المنطق والضرورة وصار مدخلا للنزاع وبداية لخسارة الاشخاص وهبوطا في الأفكار وترديا في الأخلاق. وإن زاد عن حدوده وبدأ المختلفون يبحثون عن نواقص من اختلفوا معهم والسعي لإيذائهم بشتى الطرق، فقد ابتعدوا عن إنسانيتهم وظهرت حيوانيتهم وتحررت شياطينهم لتفعل فعلها.
واحدة من مشاكل الإختلاف بين شخصين أو فريقين، أن يطالب أحد الفريقين أو كلاهما من شخص/طرف ثالث أن يقف مع أحدهما حينما يصبحا خصمين أو عدوين لدودين. والمطلوب من الطرف الثالث أن يكون مع هذا ضد ذاك وإلا أصبح صديقا لذاك وعدوا لهذا، ولا يقبل غير هذا الموقف.
دعونا نتمسك بإنسانيتنا قبل ديننا، فنحترم آراء الآخرين وأفكارهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم كيفما كانت ليحترموا بالمقابل آراءنا وأفكارنا ومعتقداتنا وتوجهاتنا. وأن لا يكون هناك ضررا لمن يفصح عن رأيه أو لمن يتعلق به هذا الرأي. ومع وجود الإختلاف دعونا نبحث عما نتفق عليه وإنسانيتنا هي في مقدمة ما نتفق عليه.

تعليق 1
  1. الاستاذ الجامعي يقول

    احسنت دكتور ضياء

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.