قراءة نقدية:”القصيدة ومتعة التناصّ الداخلي”

القصيدة:” يا طائر البرّ نموذجا”
الشاعرة :الهام عيسى (سوريا)
الناقدة: جليلة المازني (تونس)

 

 

 

القراءة النقدية:”القصيدة ومتعة التناصّ الداخلي”:
1- عتبة العنوان والتناصّ:
لقد اختارت الشاعرة الهام عيسى عنوانا لقصيدتها”طائر البر”وهو مركب اضافي ورد المضاف في صيغة اسم الفاعل(طائر) ولعل هذا الطائر سيكون فاعلا في حياة شاعرتنا الوجدانية ايمانا منها بفاعلية الطيور .
ان فاعلية الطيور تتناصّ مع القرآن الكريم فقد ورد في سورة النحل(79)
قوله تعالى”ألم يرَوْا الى الطير مُسخرات في جوّ السماء ما يُمسكهن الا الله ان
في ذلك لآيات لقوم يؤمنون”
وقد ذكر الهُدهد مرّتين في سورة النمل ودوره المهمّ والفاعل لنقل الرسائل بين النبي سليمان وملكة سبأ.والهدهد مخلوق لأغراض الاتصال ونقل الرسائل(1)
والطائر عند الشعراء هوحافظ أسرارها حين يبثونها وَجَعهُم:
يقول أبو فراس الحمداني:
أقول وقد ناحت بقربي حمامة // أيا جارتا هل تشعرين بحالي؟
معاذ الهوى ما ذقْت طارقة النوى// وما خطرتْ عنك الهُمُومُ ببال
وفي هذا الاطار هل سيكون “طائر البر” لشاعرتنا الهام عيسى مثل الهُدهُد فاعلا وحاملا لرسائلها؟ هل سيكون شاعرا بوجعها كحمامة ابي فراس الحمداني؟
2- قصيدة”طائر البر” على مستوى الشكل:
لقد وردت القصيدة في أربعة مقاطع وقد صدّرت الشاعرة كل مقطع بلازمة شعرية ألزمت بها نفسها في كل مقطع “رُوَيْدك رُوَيْدك” .انه تكرار لنفس الترديدة وهو نوع من التناص الداخلي للقصيدة الذي يضفي على القصيدة متعة الموسيقى والايقاع وتجديد المعنى واثرائه.
ان هذا التناص الداخلي والمتمثل في تكرار نفس االلازمة او الترديدة له دلالته ووظيفته:
ان “استخدام التكرار في الشعر وفقا لما اقتضاه المعنى وتطلّبه المضمون بوصفه وسيلة لايصال أفكاره ومشاعره,لتوضيح المعاني وتوصيلها للمتلقي…”(2)
يعمل تكرار اللازمة على ربط أجزاء القصيدة وتماسكها ضمن دائرة ايقاعية
واحدة وكأنها قالب فنّي متكامل في نسق شعري متناسق,تجعل القارئ لها يحس
بأنها وحدة بنائية واحدة ووحدة موسيقية ذات ايقاع ,يكشف هذا التكرار عن امكانيات تعبيرية وطاقات فنية تُغني المعنى وتجعله أصيلا اذا استطاع الشاعر ان
يسيطر عليه وان يجيء في موطنه”(3)
والعديد من الشعراء استخدموا اللازمة الشعرية كالشابي ولسان الدين بن الخطيب .كما استخدم العديد من شعراء الغرب هذه الظاهرة الفنية ك:
– الشاعر الفرنسي لويس أراقون(الملقب بمجنون الْسَا ) في قصيدته” ماذا أكون بعدك؟” هذا العنوان الذي جعله لازمة في كل مقطع من مقاطع القصيدة.
– الشاعر الفرنسي بول ايليا في قصيدته” أحبّك” هذا العنوان الذي جعله لازمة تتصدّر كل مقطع من مقاطع القصيدة.
تستهل الشاعرة قصيدتها ب:رُويدك ,رُويدك
و”رويدك” اسم فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الاعراب بمعنى تَأنّى وتمهل.
وهذه العبارة تتناص مع مطلع قصيدة الشابي “الى طغاة العالم”ّ:
//رويدك لا يخدعنك الربيع..وصحو الفضاء وضوء الصباح//
كما تتناص مع الآية(17) من سورة الطارق” فمهّل الكافرين أمهلهم رويدا”
3- قصيدة “طائر البر” على مستوى المضمون:
تخاطب الشاعرة روحها المتعبة وتلتمس منها أن تتمهل وألا تتسرع وهي هنا تستجيب للمثل القائل “في التأني السلامة”
و من المسلّمات أن” الروح المتعبة تفسد الجسد والجسد المتعب يخنق الروح ”
ومن علامات الروح المتعبة (3):
– ليس لديها الرغبة لفعل اي شيء.
– لديها ألم في كل مكان.
– لا تعرف بماذا تشعر.
– تكون في حالة ارتباك.
– تصبح أكثر حساسية.
– هي قلقة.
– تشعر بالوحدة.
– تصبح سلبيا.
– تشعر بالضعف.
– تخاف من المستقبل.
+هل ان هذه اللازمة المشحونة بمعنى التأني والتمهل تجعل الشاعرة تعيش لحظة تأمل مع روحها المتعبة ؟.
فهل الشاعرة باستخدام هذه اللازمة ستغني المعنى وتجعله أصيلا؟

تعيش الشاعرة فترة تأمل بين الماضي والحاضر لتحسم أمرها مع المستقبل الذي تخاف منه الروح المتعبة.
ان لحظة التأمل ستخرجها من تهوّر التسرّع الى حكمة التأني والتمهل .
ان الشاعرة تستخدم صيغة الامر الذي يفيد الالتماس فهي تلتمس من روحها المتعبة بالخيبات الى الاعتبار بالماضي (أيامي السالفة) وتقييم الحاضر(أرتشف جرعة الحلم الباقية) واستشراف ترميم المستقبل(وأسوّي ضمادات للحظات العمر ومواقيت لعقاربه المختبئة) .
انها بحكمة التأني والتمهل ستضمّد جراحات الماضي من أجل الحاضر وتسوّي عقارب الزمن لصالح المستقبل .
ان حكمة التأني التي تكرّرها “رويدك رويدك” تجعل الحبيبة تلتفت الى جسدها وتعترف به لعله يهوّن عليها تعب روحها .
لعل الشاعرة تجمع بين الروح والجسد لتكتمل صورتها كانسان تَشبّعَ بحكمة التمهّل والتأنّي وتحدد خطوات الأمل التي ستخطوها.
ان هذا التمهل جعلها تخطط لمستقبلها وتجعل لكل شيء حسابا لتصبح أحلامها وردية قابلة للتحقق.
بيد ان هذه الاحلام الوردية هي أحلام وقتية وعابرة لايستطيع الجسد الذي أفسدته الروح المتعبة تحقيقها.
لذلك هي أكدت منذ البداية على روحها المتعبة التي تتحمل عاقبة الخيبات فتقول:
رويدك رويدك يا قامتي الفارعة
بارعة انت في خطوات الامل
تمشين بأحلام وردية عابرة
تحملينني كأحلام عاتية
وحيدة أنا في دار الخلاء
الخاوية.
تعود الشاعرة يَحْدُوها الأمل دون يأس من لغة الجسد والآن تتحول من جمال القامة الفارعة الى الوجه بكل حواسّه بما فيه من رمزية المواجهة والقبول والاغراء والاغواء
لترسم عليه مساحيق الأمل والمساحيق عادة هي للتجمّل انها تتجمل بمساحيق الأمل علها تُشفي روحها المتعبة من خيبات الماضي انها تنتظر تحوّلاً في حياتها.
انها تعيش خيبات الماضي ومعاناة حلم الحاضر وما يبدّده من غيوم موجعة وثلوج حارة.
انها صورة شعرية تعكس حالتها النفسية التي تعيش تمزّقا حين جمعت بين المتناقضات(الغيوم الموجعة/ الثلوج الحارقة).تقول:
رويدك رويدك سأرسم على وجهي
مساحيق الأمل
بمفردات الفرح الهارب من الخيبة
سأنتظرها تتهافت الصور والاصوات
تتزاحم الافكار عميقا
ستذرع الدرب ذكريات من زمن الحلم
لا تنفك تبددها غيوم موجعة
وثلوج حارقة
ان هذا الوجع والحرقة جعل الشاعرة تتمهّل طائر البر وطائر البر هو الطائر الأليف مثل الحمام وتستوقفه لتبثه وجعها في الايام الباهتة تماما كابي فراس الحمداني الذي بث الحمامة وجعه وهو في الأسر .
كما انها تحلم لو أن طائر البريُحَلق حين تخبئ خافقها في جناحيه أملا في الوصول للحبيب تماما كما قرّب الهدهد بين النبي سليمان وبلقيس ملكة سبأ
ان الشاعرة لا تُخْفي عنّا تشاؤمها بأن طائر البرّ غير قادر على الطيران للوصول
الى حبيبها وهي في ذلك تعكس خوفها من المستقبل(والخوف من المستقبل من علامات الروح المتعبة) فتقول:
فليس في السماء فسحة للتحليق
فنحن أسراب الحمام الهاربة
مازلناأسرى الحلم…بأ قفاصنا الباردة
بيد ان القارئ قد يتدخل متسائلا:
– لماذا الشاعرة تتمهّل طائر البرّانْ لم تكنْ لتقضي من تمهّله وطرا؟
– لماذا الشاعرة ستعود لتخبئ خافقها في جناحي طائر البر ان لم تكن تأمل وتتوقع مستقبلا امكانية طيرانه ليكون رسولا لحبيبها ؟
انه بصيص من الأمل تبعثه الشاعرة في القارئ لتشرّع لهذا التمهّل باستخدام اللازمة الشعرية”رويدك,رُويدك” وهي تقصد التأني الذي فيه السلامة كما خلّدته لنا الذاكرة الشعبية وهو مشحون بحكمة التروّي.
انه بصيص الأمل النابع من جمال الجسد(القامة الفارعة)
انه بصيص الأمل النابع من رمزية طائر البر(الحمائم) وهو رَمْز الخير والسلام والوَصْل.
ان هذا الصراع بين ماض باهت مليء بالخيبات وحلم يتبدد بالحاضر و أمل في الوصل بمستقبل قد يتحقق ..كل هذا التمزّق جعل الشاعرة تلتمس التمهل والتأني
باستخدام تلك اللازمة “رويدك,رويدك”مما قد يخرجها من تهوّر التشاؤم الى حكمة التفاؤل.
سلم جليل حرف الشاعرة المتميّز الذي جعلها ثائرة ومتمرّدة على المألوف.
بتاريخ 30/06/2024
المراجع:
W https://ar.wikipedia.org>wiki(1)
الهدهد(أسطورة)- ويكيبيديا
https://shamela.ws> book(2)
ص454- كتاب مجلة جامعة أم القرى- ظاهرة التكرار في شعرأبي القاسم الشابي
https : //journals.qu.edu.qa>view3))
التكرار وعلاقته بالنص الشعري:شعر لسان الدين بن الخطيب أنموذجا
https://www.tawirhayata.info>2..(4)
علامات على ان روحك قراءة نقدية:”القصيدة ومتعة التناصّ الداخلي”
القصيدة:” يا طائر البرّ نموذجا”
الشاعرة :الهام عيسى (سوريا)
الناقدة: جليلة المازني (تونس)
القراءة النقدية:”القصيدة ومتعة التناصّ الداخلي”:
1- عتبة العنوان والتناصّ:
لقد اختارت الشاعرة الهام عيسى عنوانا لقصيدتها”طائر البر”وهو مركب اضافي ورد المضاف في صيغة اسم الفاعل(طائر) ولعل هذا الطائر سيكون فاعلا في حياة شاعرتنا الوجدانية ايمانا منها بفاعلية الطيور .
ان فاعلية الطيور تتناصّ مع القرآن الكريم فقد ورد في سورة النحل(79)
قوله تعالى”ألم يرَوْا الى الطير مُسخرات في جوّ السماء ما يُمسكهن الا الله ان
في ذلك لآيات لقوم يؤمنون”
وقد ذكر الهُدهد مرّتين في سورة النمل ودوره المهمّ والفاعل لنقل الرسائل بين النبي سليمان وملكة سبأ.والهدهد مخلوق لأغراض الاتصال ونقل الرسائل(1)
والطائر عند الشعراء هوحافظ أسرارها حين يبثونها وَجَعهُم:
يقول أبو فراس الحمداني:
أقول وقد ناحت بقربي حمامة // أيا جارتا هل تشعرين بحالي؟
معاذ الهوى ما ذقْت طارقة النوى// وما خطرتْ عنك الهُمُومُ ببال
وفي هذا الاطار هل سيكون “طائر البر” لشاعرتنا الهام عيسى مثل الهُدهُد فاعلا وحاملا لرسائلها؟ هل سيكون شاعرا بوجعها كحمامة ابي فراس الحمداني؟
2- قصيدة”طائر البر” على مستوى الشكل:
لقد وردت القصيدة في أربعة مقاطع وقد صدّرت الشاعرة كل مقطع بلازمة شعرية ألزمت بها نفسها في كل مقطع “رُوَيْدك رُوَيْدك” .انه تكرار لنفس الترديدة وهو نوع من التناص الداخلي للقصيدة الذي يضفي على القصيدة متعة الموسيقى والايقاع وتجديد المعنى واثرائه.
ان هذا التناص الداخلي والمتمثل في تكرار نفس االلازمة او الترديدة له دلالته ووظيفته:
ان “استخدام التكرار في الشعر وفقا لما اقتضاه المعنى وتطلّبه المضمون بوصفه وسيلة لايصال أفكاره ومشاعره,لتوضيح المعاني وتوصيلها للمتلقي…”(2)
يعمل تكرار اللازمة على ربط أجزاء القصيدة وتماسكها ضمن دائرة ايقاعية
واحدة وكأنها قالب فنّي متكامل في نسق شعري متناسق,تجعل القارئ لها يحس
بأنها وحدة بنائية واحدة ووحدة موسيقية ذات ايقاع ,يكشف هذا التكرار عن امكانيات تعبيرية وطاقات فنية تُغني المعنى وتجعله أصيلا اذا استطاع الشاعر ان
يسيطر عليه وان يجيء في موطنه”(3)
والعديد من الشعراء استخدموا اللازمة الشعرية كالشابي ولسان الدين بن الخطيب .كما استخدم العديد من شعراء الغرب هذه الظاهرة الفنية ك:
– الشاعر الفرنسي لويس أراقون(الملقب بمجنون الْسَا ) في قصيدته” ماذا أكون بعدك؟” هذا العنوان الذي جعله لازمة في كل مقطع من مقاطع القصيدة.
– الشاعر الفرنسي بول ايليا في قصيدته” أحبّك” هذا العنوان الذي جعله لازمة تتصدّر كل مقطع من مقاطع القصيدة.
تستهل الشاعرة قصيدتها ب:رُويدك ,رُويدك
و”رويدك” اسم فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الاعراب بمعنى تَأنّى وتمهل.
وهذه العبارة تتناص مع مطلع قصيدة الشابي “الى طغاة العالم”ّ:
//رويدك لا يخدعنك الربيع..وصحو الفضاء وضوء الصباح//
كما تتناص مع الآية(17) من سورة الطارق” فمهّل الكافرين أمهلهم رويدا”
3- قصيدة “طائر البر” على مستوى المضمون:
تخاطب الشاعرة روحها المتعبة وتلتمس منها أن تتمهل وألا تتسرع وهي هنا تستجيب للمثل القائل “في التأني السلامة”
و من المسلّمات أن” الروح المتعبة تفسد الجسد والجسد المتعب يخنق الروح ”
ومن علامات الروح المتعبة (3):
– ليس لديها الرغبة لفعل اي شيء.
– لديها ألم في كل مكان.
– لا تعرف بماذا تشعر.
– تكون في حالة ارتباك.
– تصبح أكثر حساسية.
– هي قلقة.
– تشعر بالوحدة.
– تصبح سلبيا.
– تشعر بالضعف.
– تخاف من المستقبل.
+هل ان هذه اللازمة المشحونة بمعنى التأني والتمهل تجعل الشاعرة تعيش لحظة تأمل مع روحها المتعبة ؟.
فهل الشاعرة باستخدام هذه اللازمة ستغني المعنى وتجعله أصيلا؟

.
تعيش الشاعرة فترة تأمل بين الماضي والحاضر لتحسم أمرها مع المستقبل الذي تخاف منه الروح المتعبة.
ان لحظة التأمل ستخرجها من تهوّر التسرّع الى حكمة التأني والتمهل .
ان الشاعرة تستخدم صيغة الامر الذي يفيد الالتماس فهي تلتمس من روحها المتعبة بالخيبات الى الاعتبار بالماضي (أيامي السالفة) وتقييم الحاضر(أرتشف جرعة الحلم الباقية) واستشراف ترميم المستقبل(وأسوّي ضمادات للحظات العمر ومواقيت لعقاربه المختبئة) .
انها بحكمة التأني والتمهل ستضمّد جراحات الماضي من أجل الحاضر وتسوّي عقارب الزمن لصالح المستقبل .
ان حكمة التأني التي تكرّرها “رويدك رويدك” تجعل الحبيبة تلتفت الى جسدها وتعترف به لعله يهوّن عليها تعب روحها .
لعل الشاعرة تجمع بين الروح والجسد لتكتمل صورتها كانسان تَشبّعَ بحكمة التمهّل والتأنّي وتحدد خطوات الأمل التي ستخطوها.
ان هذا التمهل جعلها تخطط لمستقبلها وتجعل لكل شيء حسابا لتصبح أحلامها وردية قابلة للتحقق.
بيد ان هذه الاحلام الوردية هي أحلام وقتية وعابرة لايستطيع الجسد الذي أفسدته الروح المتعبة تحقيقها.
لذلك هي أكدت منذ البداية على روحها المتعبة التي تتحمل عاقبة الخيبات فتقول:
رويدك رويدك يا قامتي الفارعة
بارعة انت في خطوات الامل
تمشين بأحلام وردية عابرة
تحملينني كأحلام عاتية
وحيدة أنا في دار الخلاء
الخاوية.
تعود الشاعرة يَحْدُوها الأمل دون يأس من لغة الجسد والآن تتحول من جمال القامة الفارعة الى الوجه بكل حواسّه بما فيه من رمزية المواجهة والقبول والاغراء والاغواء
لترسم عليه مساحيق الأمل والمساحيق عادة هي للتجمّل انها تتجمل بمساحيق الأمل علها تُشفي روحها المتعبة من خيبات الماضي انها تنتظر تحوّلاً في حياتها.
انها تعيش خيبات الماضي ومعاناة حلم الحاضر وما يبدّده من غيوم موجعة وثلوج حارة.
انها صورة شعرية تعكس حالتها النفسية التي تعيش تمزّقا حين جمعت بين المتناقضات(الغيوم الموجعة/ الثلوج الحارقة).تقول:
رويدك رويدك سأرسم على وجهي
مساحيق الأمل
بمفردات الفرح الهارب من الخيبة
سأنتظرها تتهافت الصور والاصوات
تتزاحم الافكار عميقا
ستذرع الدرب ذكريات من زمن الحلم
لا تنفك تبددها غيوم موجعة
وثلوج حارقة
ان هذا الوجع والحرقة جعل الشاعرة تتمهّل طائر البر وطائر البر هو الطائر الأليف مثل الحمام وتستوقفه لتبثه وجعها في الايام الباهتة تماما كابي فراس الحمداني الذي بث الحمامة وجعه وهو في الأسر .
كما انها تحلم لو أن طائر البريُحَلق حين تخبئ خافقها في جناحيه أملا في الوصول للحبيب تماما كما قرّب الهدهد بين النبي سليمان وبلقيس ملكة سبأ
ان الشاعرة لا تُخْفي عنّا تشاؤمها بأن طائر البرّ غير قادر على الطيران للوصول
الى حبيبها وهي في ذلك تعكس خوفها من المستقبل(والخوف من المستقبل من علامات الروح المتعبة) فتقول:
فليس في السماء فسحة للتحليق
فنحن أسراب الحمام الهاربة
مازلناأسرى الحلم…بأ قفاصنا الباردة
بيد ان القارئ قد يتدخل متسائلا:
– لماذا الشاعرة تتمهّل طائر البرّانْ لم تكنْ لتقضي من تمهّله وطرا؟
– لماذا الشاعرة ستعود لتخبئ خافقها في جناحي طائر البر ان لم تكن تأمل وتتوقع مستقبلا امكانية طيرانه ليكون رسولا لحبيبها ؟
انه بصيص من الأمل تبعثه الشاعرة في القارئ لتشرّع لهذا التمهّل باستخدام اللازمة الشعرية”رويدك,رُويدك” وهي تقصد التأني الذي فيه السلامة كما خلّدته لنا الذاكرة الشعبية وهو مشحون بحكمة التروّي.
انه بصيص الأمل النابع من جمال الجسد(القامة الفارعة)
انه بصيص الأمل النابع من رمزية طائر البر(الحمائم) وهو رَمْز الخير والسلام والوَصْل.
ان هذا الصراع بين ماض باهت مليء بالخيبات وحلم يتبدد بالحاضر و أمل في الوصل بمستقبل قد يتحقق ..كل هذا التمزّق جعل الشاعرة تلتمس التمهل والتأني
باستخدام تلك اللازمة “رويدك,رويدك”مما قد يخرجها من تهوّر التشاؤم الى حكمة التفاؤل.
سلم جليل حرف الشاعرة المتميّز الذي جعلها ثائرة ومتمرّدة على المألوف.
بتاريخ 30/06/2024
المراجع:
W https://ar.wikipedia.org>wiki(1)
الهدهد(أسطورة)- ويكيبيديا
https://shamela.ws> book(2)
ص454- كتاب مجلة جامعة أم القرى- ظاهرة التكرار في شعرأبي القاسم الشابي
https : //journals.qu.edu.qa>view3))
التكرار وعلاقته بالنص الشعري:شعر لسان الدين بن الخطيب أنموذجا
https://www.tawirhayata.info>2..(4)
علامات على ان روحك متعبة جد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.