مرج البحرين

مالك بن فرحات/ تونس

 

 

 

 

الشوقُ و الرُعبُ في نفسي قد اتّحدا
في شارعٍ لم أجد حولي به أحَدا

قد كانَ لي فيهِ ذكرى غيرَ أنّهُ لمْ
يعُدْ كما كان في أمسي الذي بعُدا

لو خبّرونيَ في ماضيَّ أنّهُ لن
يبقى على حُسْنِ حالٍ ما انتظرتُ غدا

أين التفاصيلُ ؟ أين النورُ ؟ أين مضى
ذاكَ الوضوحُ وضوحُ الحقّ حينَ بدا ؟

ما للظلامِ جثا ؟ ما للضبابِ سطا ؟
و ما لمن سار فردا فيه قد شردا ؟

ما للغصونِ تعرت فيه و اتجهت
نحوي كما اتجهت نحوَ القتيلِ مُدى ؟

و عذبُ ألحانِهِ من كانَ مُخْرِسها ؟
و من جلا عن سماه البُلبُل الغرِدا ؟

و أين أعراسُهُ و الفاتناتُ بها ؟
أشِبْنَ حتى لحقنَ اليومَ من وُئدا ؟

و ما لأبياته تحكي بعبستها
بيوتَ رُعْبٍ رآها المرءُ فارتعدا

ما لي أراها و قلبي غيرُ مُكترِثٍ
لم يضطرب كحديثٍ بالدُنى وُلِدا ؟

أكانَ من ساكني هذي البيوتِ و قد
وارى جسومهُمُ في اللحدِ كرُّ ردى ؟

لكنّ أرواحهم في ذي البيوتِ صحت
إلى الحياة و كلُّ الناس قد رقدا

ما حثني خفقان القلبِ في قفصي
على الفرار و إنّ الجسم قد جمدا

هذا المكانُ على ما فيهِ من رُعُبٍ
له جمال و سحْر جاذب فرُدا

كأنني إذ أراه و افتتانيَ معْ
رُعبي قد اجتمعا منه أرى أسدا

كأنه خمرةٌ لذّت لشاربها
و أرعبتهُ بنأيٍ عن سبيلِ هُدى

أوهامُها مرعباتٌ إذ تلوحُ سُدى
لكنها تُذهِبُ الهمّ الذي وُجِدا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.