أضواء على نجلة العراق

صفاء الباسم/ واسـط

 

 

 

 

 

نجلاء عمـاد الدايني مِـن مواليــد ٢٠٠٤/١٢/١ ، ولد في قضاء بعقوبة التابع لمحافظة ديالى شمال شرق بغداد ،نَشَأَت وترعرعت في مدينـة بعقوبــة في حَيٍّ فقير حيث الحياة البسـيطة والقاسـية في ذلك الحي المتواضع، كافحت عائلتها مِـن أَجلِ توفـير أَبسـط متطلبات العيش، وذات يوم بينما كانت نجلة العـراق تسـتعد للخـروج مـع والـدها، سقطت عليها كارثة في لحظة صمت مروعـة، اِنفجرت عبـوةٍ لاصقــة وضعت في سيارة والدها، فكانت الصرخة الحارقة التي هزت الحيّ بأَسره لم تكن كافية لتعبر عن الأَلم الذي شعرت به نجلاء أنذاك! أَفاقت في المستشفى لتكتشف أن الاِنفجار قد أَخذ منها الكثير، ذراعهـا اليمنى التي كانت تكتب بها أحلامها قد بُترت. وساقاها اللتان جرت بهما نحو خـط النهاية لم تعودا معها! ورغم الفقدانٍ المرير الذي واجهته لكنها لم تنتهِ وتنهي طريقها، بل حملت بيدها اليسرى التي تبقت قـوة لا توصف، رفضت أَن تكـون ضحيـة لذلك العـمل الإِرهابي البشـع، تـحولت آلامهـا إِلى دوافـع لاِستكمال مسيرتها، خضعت لجلسات علاج مرهقة وليس فقـط لجسدها بل لروحها التي كانت تناضل لتستعيد الحياة ،فيما بعد أَكملت مسيرتها الدراسيـة والرياضية بعد تفوقهـا في البطولات لتصبح لاعبة المـنتخب الوطني لكرة الطاولة في اللجنة البارالمبية، وشاركت في بطولة الأَنديـة التـي نظمتهـا اللجنـة البارالمبية لتحصل على المركز الأول على العراق ، بدأَت تطريز نجاحاتها بيد واحدة، تـمامًا كما تُطرز الحرفيات ثيابهن بصبـر وافتخار، كل إِنجاز كان بمثابة خيط يضيفه القدر إِلى حياتهـا، عادت إِلى الملاعب ولكن هذه المَرَّة بروح أقوى، فبدأت تشارك في مسابقات للرياضات الخاصة، حققــت نجاحــات تـجاوزت كــل التوقعات ولم تعد مجرد لاعبـة، بل أَصبحت رمزًا للصمود والشجاعة، جسَّدت الإِصرار والعزيمة والثبات رغم التحديات التي واجهتها، فإِنها ثبتت قدرة الإِنسان على التفوق وقوة الإِبداع حيث حملت راية بلدها بفخر وأَلهمت الآخرين درسًا بالمجان من خلال تحديها للمستحيل، فلم تســمح للإِعاقة بأن تكون حاجزًا أَمام طموحها وتجاوزت الصعاب بنظرة مليئــة بالأَمل، حتى أَصبحت قدوة لكل من يواجــــه التحديات قــصتها تُــظهر كيف يـمكن للإِرادة الصلبـة أَن تحوّل التحديات إِلى فرص ناجحة تُلفت الأَنظار، وكيـــف أن النجاح لا يُقاس بما نملك من قدرات جسدية، بل بمــا نملكه من عزيمة وإِصرار ، بفضل قوة الـروح، غيّــرت نظرة المجتمع لذوي الاِحتياجات الخاصة، وأَثبتت أن القوة الحقيقية تكمن في الروح التي لا تعرف الاستسـلام، وإِن كانت في زوايا حَيٍّ شبه المنسية!.تعتبر هـذه اللاعبـة رمزًا للأَمل والإِرادة القويـة حـيث تحدت كل العقبات الجسدية والنفسـية للوصول إِلى أَعلى المسـتويات في رياضة كرة الطاولـة مِن ذوي الاِحتياجات الخاصة، ومثَّلت العــراق فـي العـديـــد من المحافل الدولية الرياضية، في عام 2016 حصلت علــى المركز الثالث فـي بطولة الأُردن وشاركت فـي بطولة آسـيا في الإِمارات عـام 2017، ومنافسات تايلند الدولية عام 2018، وبطولات 2019 في مصر شاركت مرتين وحصلت على المـركز الأَول والثّـاني وكانت لها مشاركات في الأُردن وبولنـدا، وفي اسبانيا حيث حصلت على المركز الثالث في بطولة برشـلونة الدولية عام 2020، وشاركت في الألعاب البارالمبية بطوكيـو التي جـرت في صيف عام 2021 وكانت المتأهلة الوحيدة من العـراق وأَصغر المشاركات سنًا، وفي عام 2022 شـاركت في بطولة آسيا التي أُقـيمت في البحريـن وحصلت على المركز الأَول لفئـة الشَّـباب والثَّاني للمتقدمين ممن هم أَكبر سنًّا، ونالت أَيضًا بعدهـا المركـز الأول فـي بطولتين دوليتين أُقيمتا في مصر والأُردن، وفي عام 2023 فازت بالميدالية الذهبية في دورة الأَلعاب البارالمبية الآسيوية وفي عـام 2024 توجت نجلة العراق بذهبية تنس الطاولة في بارالمبياد باريس وحققت ذهبيـة المسابقـة بعد فوزها على الأوكرانيـة مارينا لينوفتشينكو بثلاثة أَشواط مقابل شوط واحد ، وأَصبحت نجلة أَول سيدة عراقيـة رياضية تحقق وسـامًا في تاريــخ المشاركات الأولمبية والبارالمبية وأَول من يحصد ميدالية ذهبية للبعثة العراقية خلال دورة الأَلعاب البارالمبية في باريس ، ولكي تعلم الأَجيال، ركام الإِرهاب اللعين لم يتمكّن من عزيمتنا وطموحنا بمواصلة الحياة ونتجاوز محنته وقهر الظروف إن كانت هنالك قوة روحية تحب النجاح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.