وإن تأخرت الدراسة في الجامعات عن موعدها، ما المشكلة؟!

ضياء المياح

 

 

 

لسنوات عديدة، كان العام الدراسي في الجامعات العراقية يبدأ متأخرا وينتهي متأخرا بسبب الظروف الأمنية التي مرت بها البلاد ثم بسبب جائحة كورونا التي اجتاحت العالم. وبعد أن تحسنت الظروف والأوضاع، حاولت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السنة الماضية والسنة الحالية أن تعيد الأمور إلى تقويمها الصحيح، فقررت أن يكون بدء العام الدراسي بداية أو منتصف أو شهر ايلول / سبتمبر، ثم أصدرت تعديلاتها لتؤخره اسبوع أو أسبوعين.
ما يهم في الموضوع، أن تكون هذه التوقيتات رسمية وصادرة عن الوزارة، وبذلك تكون مدة الدراسة الجامعية في الفصل الواحد خمسة عشر أسبوعا ملحقة بأسبوعين للامتحانات. غير إن المشكلة التي تواجهها الجامعات بجميع تخصصاتها ومراحلها الدراسية، إن الدراسة الفعلية لا تبدا في الأوقات النهائية التي تعلنها الوزارة. فعلى سبيل المثال، وإذ قررت الوزارة أن يكون بداية العام الدراسي للسنة الأكاديمية الحالية 2024/2025 يوم الأحد الذي يوافق الخامس عشر من شهر ايلول / سبتمبر لهذا العام 2024، لم تبدأ الدراسة الجامعية فعليا ولا حتى شكليا لغاية تاريخ صدور هذا المقال (أي خلال أسبوعين بعد الموعد الوزاري الرسمي المعلن).
قد يتساءل طالب أو حتى تدريسي لا خبرة عملية كافية لديه، ما المشكلة إذا تأخرت الدراسة في الجامعات اسبوع أو أسبوعين وحتى أكثر من ذلك؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال العفوي أو السؤال الغبي، نُضيف إلى هذين الأسبوعين، أسبوعا أخرا أو أكثر لفترة ما قبل الامتحانات، وأسبوعا أو أكثر للعطل الرسمية عدا توقفات الدراسة غير الرسمية. كما نُضيف أيضا أسبوعين للامتحانات الشهرية. وإذا كنا أكثر تفاؤلا، فنقول أن تعطيل الدوام أو الدراسة في الجامعات لن يكون أقل من ستة أسابيع من مجموع خمسة عشر أسبوعا في كل فصل دراسي.
وقبل الإجابة على سؤال المقال، نُشير إلى إن متطلبات كل تخصصات ومراحل الدراسة الجامعية بالساعات والأسابيع والمواضيع المتسلسلة والمترابطة على مستوى جامعات العالم قد تمت دراستها بعناية فائقة ولحاجات ضرورية لا غنى عنها لتنتج شهادة جامعية معتمدة في الدولة التي يدرس الطالب فيها وفي دول أخرى. وهكذا فإن عدد الأسابيع وترتيبها للمحاضرات والإمتحانات وحجم المادة الدراسية كمواضيع وفصول قد صُممت لتهيئة الطالب لمواضيع مرحلة لاحقة أو لِتُبنى على مواضيع مرحلة سابقة حتى يكمل الطالب جميع متطلبات دراسته ويصبح مؤهلا لحمل شهادته الجامعية في تخصصه الذي درسه طيلة أربع أو خمس أو ست سنوات دراسية متواصلة.
وحتى تكون إجابة السؤال شافية وكافية، فنقول إن نقص أسبوع واحد من أسابيع الدراسة الخمس عشرة يؤثر على دراسة المادة الواحدة وعلى الفصل الدراسي الواحد في السنة الدراسية الواحدة ومن ثم على مجمل سنوات الدراسة. فكيف ستكون الدراسة إذا نقص من مدتها اربعة أو ستة أسابيع؟ وكيف ستكون حال المراحل الدراسية اللاحقة إذا لم يتم إستيفاء كامل المناهج الدراسية المقررة للتخصص؟ بل وكيف سيكون تأهيل الخريج الذي لم يستوف متطلبات المراحل والمواد والمواضيع الدراسية؟
ولنطرق الموضوع من جانب اخر شرعته الوزارة حديثا ويهمها نتائجه، ونعني هنا الامتحانات التقويمية الوزارية. هذه الامتحانات بدأت بتخصصات معينة ثم توسعت لتشمل الكثير من التخصصات تدريجيا وتحولت في بعضها من امتحان شهري مشترك إلى امتحان تقويمي وزاري نهائي. فنقول ماذا بشان هذه الامتحانات التقويمية الوزارية التي تشترك فيها الجامعات الحكومية والأهلية؟ وكيف ستتم معالجة نقص المواضيع الدراسية بسبب نقص مدة الدراسة؟
كل هذه الجوانب ستؤثر على مستوى الشهادة الجامعية العراقية وعلى مؤهلات حاملها لا سيما إذا ما تم تقييمها من قبل جامعات دول أخرى لغرض إكمال الدراسات العليا أو للتوظيف. إذا كان الموضوع مهما للمختصين والمعنيين في الوزارة وفي الجامعات، فإن الإجابة على هذه الأسئلة يجب أن تكون بمصداقية وشفافية. وإذا حصلنا على الإجابات الصحيحة والدقيقة، سنعرف عندها؛ أين موقعنا، وإلى أين نحن متجهون!! وهذا أيضا يتوقف على ما تتضمنه خطط وزارة التعليم العالي من برامج دراسية حقيقية للوصول إلى مخرجات كفؤة من جامعات عراقية رصينة.

تعليق 1
  1. الاستاذ الجامعي يقول

    احسنت دكتور .. بارك الله فيك ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.